كان يوم الجمعة الماضي ككل ايام الاغوار الربيعية الفاتنة، وكان الطلاب بحافلات الرحلة يملأون المكان.. من حفافي السلط، ووادي شعيب.. الى السد نصف الفارغ.. الى نصب شهداء الكرامة. في حين يعمل الجنود بصمت على صيانة المنطقة المحيطة في انتظار الاحتفال السنوي بالعيد.. عيد انتصار الكرامة!!
لا شيء اغلى على النفس البشرية من مشهد الابناء الصغار وهم يتراكضون حول تمثال الجندي الاردني، او يقرأون اسماء شهداء المعركة، او وهم يتجولون في المكان بحميمية الذي يتجول في حديقة الدار.. فرسوم وخيالات هؤلاء الذين سقطوا دفاعا عن الاردن وسقوا بدمائهم اغواره هم عند الطلاب اباء، واخوة واصدقاء البيت.. والاحباء الذين يزورون المكان كل عام، فنزورهم ونقرأ على ارواحهم الطاهرة حزب قرآن.
لم يدرك الذين حاولوا اختطاف انتصارنا عمق الجرح الذي احدثوه. فلا احد يختطف الهزيمة!! وهذا اليوم - يوم الكرامة - يجب ان ندرسه جيدا.. وان نتعرف الى دقائقه، فالمعركة لم تكن صداما عسكريا حول مخيم الكرامة، وانما كانت تمتد على ثلاثة محاور: من المثلث المصري شمالا الى الشاطئ الشمالي للبحر الميت، وكان جنود العدو الذين قطعوا النهر بدباباتهم خمسة عشر الف مقاتل.. وكان الطيران الاسرائيلي في اعلى درجات التنبه والمشاركة القتالية..
ما نريد ان نقف عنده اليوم، هو دور السفير الاميركي الذي حاول بعد الظهر ان «يوقف القتال».. فرفض الحسين رحمه الله: لا يتوقف القتال الا بعد انسحاب اخر جندي الى ما وراء النهر. فكل قرارات وقف القتال كانت تتم على ارضنا، ويبقى الجيش الاسرائيلي بانتظار المفاوضات.. والسلام!! وبهذا يصبح الاحتلال مشروعا ومرابطة جيش العدو.. بمواقفتنا!!
هذا الدرس الذي اعطاه الحسين لاجيالنا يجب فهمه. لكنه ليس درسا منفصلا عن عظمة جيشنا وارادة القتال في قلب ابطاله وسواعدهم وثقتهم بسلاحهم. وكلما كنت التقي في مجلس الاعيان بكاسب الجازي، كنت استحضر المعركة في ذاكرة لم تضعف الايام وهجها. وكنت ما ازال اسمع الكلمات المتواضعة: لم يقصر الشباب!! فهذا هو الاردني الشجاع الشهم الذي لا يحب الكلام الكثير!!
بقلم الكاتب:طارق مصاروة